الشفق القطبي أو الوهج القطبي هو مزيج من الألوان الخلابة التي تظهر في سماء القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية، ويُعرف أيضاً باسم الفجر القطبي أو الأضواء القطبية. تعد هذه الظاهرة من أجمل المشاهد الطبيعية، حيث تتداخل الألوان بطريقة مبهرة تبعث الدهشة في النفوس.
تُرى الأضواء القطبية عادةً باللونين الأخضر الخافت والأحمر، وتظهر في المناطق القريبة من خطوط العرض العليا بالقرب من القطبين. من الدول التي يمكن رؤية هذه الظاهرة فيها بوضوح في النصف الجنوبي: تشيلي، الأرجنتين، وأستراليا. كما أن الشفق لا يقتصر على الأرض فقط، بل يحدث أيضاً على كواكب أخرى، حيث يرتبط بالأقطاب المغناطيسية للكواكب ويأخذ أشكالاً مختلفة مثل البقع المنتشرة والأقواس المرئية.

اكتشاف ارتفاعات الشفق القطبي
استطاع كارل ستورمر وفريقه العلمي كشف الارتفاعات التي تصدر منها انبعاثات الشفق، عبر استخدام الكاميرات لتثليث أكثر من 12,000 ظاهرة شفق. وأظهرت النتائج أن معظم الأضواء تنتج على ارتفاعات بين 90 و150 كيلومترًا فوق سطح الأرض، مع إمكانية امتدادها في بعض الأحيان لأكثر من 1000 كيلومتر. اليوم، أصبح من السهل التقاط صور أكثر وضوحاً للشفق القطبي بفضل انتشار الكاميرات الرقمية عالية الحساسية.

الألوان والأشكال البصرية لظاهرة الشفق
تتنوع الأشكال البصرية للشفق القطبي بشكل كبير، إلا أن الأقواس المشابهة للستائر تظل الأكثر تميزًا وتألقًا. تختلف ألوان الشفق حسب نوع الجزيئات والارتفاعات، ويمكن تلخيصها كالتالي:
الأحمر: يظهر في أعلى الارتفاعات نتيجة لانبعاث ذرات الأكسجين بطول موجي 630.0 نانومتر. ويظهر عادةً في أوقات النشاط الشمسي المكثف.
الأخضر: يتكون على ارتفاعات أقل مع انبعاث عند 557.7 نانومتر. ويُعد اللون الأخضر الأكثر انتشاراً بسبب حساسية العين له.
الأصفر والوردي: ناتجان عن مزيج بين اللونين الأحمر والأخضر أو الأحمر والأزرق.
الأزرق: يحدث عند ارتفاعات تحتوي على نسبة أقل من الأكسجين الذري، وهو لون نادر نسبياً.

أسباب حدوث الشفق القطبي
لا تزال العمليات الفيزيائية الدقيقة التي تقف خلف ظاهرة الشفق القطبي غير مفهومة بالكامل، إلا أن السبب الرئيسي المعروف هو تفاعل الرياح الشمسية مع المجال المغناطيسي للأرض. إذ تقوم الإلكترونات الطاقية بتوليد نبضات كهربائية تتحرك على طول خطوط المجال المغناطيسي، وغالبًا ما تنشأ هذه النبضات بالقرب من المنطقة الاستوائية للحزام الشفقي.
تأثير مغناطيسية الأرض على الشفق القطبي
تصطدم الرياح الشمسية، المحملة بجزيئات مشحونة مثل البروتونات والإلكترونات، بالمجال المغناطيسي للأرض، مما يؤدي إلى انحراف مسارها على ارتفاع يقارب 70,000 كيلومتر فوق سطح الأرض. عند هذا الارتفاع، تتكوّن صدمة قوسية نتيجة هذا الاصطدام، مما يؤدي إلى إثارة الذرات في الغلاف الجوي وإطلاق الأضواء الساحرة التي تضيء السماء.
يمتلئ خط العرض المغناطيسي بالبلازما القادمة مع الرياح الشمسية، مما يزيد من الاضطرابات والسرعة داخل الحزام المغناطيسي، وهو ما ينعكس في روعة وتوهج الأضواء القطبية.
الشفق القطبي على الكواكب الأخرى
لا تقتصر ظاهرة الشفق القطبي على كوكب الأرض فحسب، بل تم رصدها أيضًا على كواكب أخرى. يمتلك كل من كوكب المشتري وزحل مجالات مغناطيسية أقوى بكثير من المجال المغناطيسي الأرضي، وقد تم رصد الشفق القطبي عليهما بواسطة تلسكوب هابل الفضائي.

كذلك، لوحظت ظواهر شفق قطبي على كواكب أخرى مثل أورانوس ونبتون. كما يظهر الشفق على بعض الأقمار مثل "أيو"، و"أوروبا"، و"جانيميد"، حيث تتفاعل الجسيمات المشحونة مع أغلفتها الجوية، مُشكّلة عروضًا ضوئية رائعة مشابهة لما يحدث على كوكبنا.